RR

حَفنة ملائكة

ملاكُ التحقُّق

 

أنظرُ إلى ملاك في واحدٍ من آباط الليل

وفي فمي حموضةٌ من صلاة نسيت تلاوتها

فأخاف أن أناديه

لئلا أجرح اسمَهُ 

لكيلا يرضعُهُ الصوتُ

هذا الملاكُ المقصوصُ الأجنحةِ

المكدودُ الوجهِ 

المرسومُ الأطرافِ 

كأنه الوهمُ

أدور حوله دورانَ قطة

ألوبُ كضبُعٍ

أطوفُ كما صوفيٌّ

إنما بيني وبينه زجاج مضبَّبٌ بسوَادٍ 

بشال امرأة في عزاء عشيقها

(كم أمِلَت في الزواج منه؟)

بخدوش من أظافر غريق

زجاجٌ من هواء ومن آلهةٍ شفافة ومن أمراضٍ

أنا، هذا الطينُ النزْرُ وبعضُ القصائد والسخريات الصغيرةِ

أنا، الليلُ الضائع بين نهاراتٍ

كأس الماء العطشانة، أنا

المنتصفُ المؤقت، أنا، بين مناوبات البداية والنهاية

كيف ألمس هذا الملاكَ

كيف أعيد إليه أجنحته المقصوصةَ

كيف أطير معه مشيًا على الأقدام

كيف ننام معًا بلا خوف من الخنجر 

تحت المخدة

أنظر إلى ملاكٍ يصيبني بعمىً أصفرَ من سُرّة الشمس في واحد من آباط الليل

 

20.10.2023

"2022"  يوسف رخا، صورة فوتوغرافية
"2022" يوسف رخا، صورة فوتوغرافية

ملاكا الضرورة

 

هاكني بُوقًا يا ملاكَ الهلاك

الأرض واقفةٌ على قدم وساقٍ في انتظارٍ

الدهرُ داخَ بعدما دوّخَ

والوحوشُ قد ألِفت فرائسها

الطغاةُ ملّوا المهزلةَ

والموتُ تكرّعَ حتى تقيّأ ثم عادَ يبلعُ ما تقيأ

(لا بُدَّ من تحقيق التارغِت)

والغيومُ السود حطّتْ فابيضّت من فرط غُربتها 

ثم تفرّقت

في سماء الغراب

والناسُ ظنوكَ أسطورةً من بين أساطيرَ

أو دِينًا من الأديانِ

فألحدوا

وتواضعوا على مُشافهاتٍ تحاجِجُ في نَصِّكَ المسلوبِ

من قصائدَ قالها الحشّاشةُ والسُّكارى وذوو الثقوبِ السودِ

في القلبِ؛

إلايَ بينَ الناسِ، يا ملاكَ الهلاكِ

هجرتُ العضوَ والحلوَ والشفتين

واعتزلتُ بغرفةٍ سقفُها القطرانُ والأحلامُ

آخُذُ، كلَّ يوم، أسُنُّ مِنجلَ الكارثةِ من أجلِكَ

حتى نَحُلت يدايَ

أنامُ، من تعبٍ، مُحتضنًا عَصاةَ المنجلِ

وأراكَ في البعيدِ تنظرُ:

هبّةٌ من جناحِكَ فإذا كلُّ شيءٍ واقفٌ على ساقيهِ منتصبًا

لمعةٌ من مِنجلِكَ الكبير فإذا الكلُّ مقسومٌ إلى نصفينِ

نفخةٌ فيَّ 

فإذا صوتي قصيدةٌ 

من مقطع واحدٍ 

تضعُ ريشةَ التاجِ في التاجِ على رأسِ صاحب التاجِ

ثم يلحسها

ويعيد كتابةَ سيرة الأفعى التي لا تنفكّ عن الدوران حولَ نفسها 

كقصيدة نثريّة

بخبرةٍ أكبرَ

بإيقاعٍ أفضلَ

برؤيةٍ أقلَّ نرجسيّةً

ويجعلُ منها أفعى 

لا رأس لها ولا ذيل

متنًا ضخمًا بهوامِشَ كثيرةٍ

ولكلِّ ملاكُ هلاكٍ على حدةٍ يحميهِ ويُنهيه في اللحظة المناسبةِ

دونَ الحاجة لأمثالي من أجل هكذا آمالٍ

لأن هذا بحدِّ ذاتهِ دليلٌ على اكتمال العبث؛

أليسَ هذا صحيحًا يا ملاكَ الخطأ؟

 

06.03.2024

 

ملاكُ الحقيقة

 

1.

جسدٌ مسجّى بعانة يتخذ فيها الطير عُشًّا

والطائر الأكبرُ ينزل من الأعلى

مما وراء السماء

ويمسحُ بطرف جناحه على الجسد والطير الأصغر

فإذا الطيرُ صارَ دودًا

 

2.

يبدو أن للديدان نظامًا غذائيًا محدّدًا

أو تحالفات قبليةً تواضعوا عليها

فهم لا يأكلون جميعًا من مكان واحد

إنما جماعات متفرقينَ:

الفخذان نصفُ منقوصتين

الكتفُ واحدةٌ وواحدةٌ

الحنجرة بئرُ غناءٍ مهجورة

البطنُ مبقورةٌ يصّاعدُ 

منها بخور كيميائي

وباقي اللحم في يد الوقت

أما الديدان فكأن الأبديةَ في يدها

 

3.

هيكل عظمي مسجّىً تحت الشمس والنجوم

تعبر منه الزواحفُ في الصهد

يقف عليه الطير للتأمُّل

وتحاول الريح تحويله إلى ناي 

عبثًا

 

4.

الملاكُ جالسٌ غير بعيد على صخرة مثل  

رامبو على كرسيِّ حلاق

ينتظر انتهاء العظام

ليأخذ بذرة العُصعص إلى السماء

 

18.07.2023

Contributor
سلطان محمد

من مواليد 1991 مدينة الطائف. شاعر وناقد سينمائي. نشرت له العديد من القصائد والقصص القصيرة على منصات وصحف أدبية مثل «أوكسجين»، «أونطولوجي»، «ختم السلطان»، «نزوى»، «آلترا-صوت» «جدلية» وغيرها. صدرت له مجموعتان شعريتان، «السبعون شأنًا» عن رواشن للشعر 2021 و«صلوات الصعاليك» عن محترف أوكسجين 2024. يعمل ضمن فريق تحرير منصة «ميم السينمائية» ناشرًا العديد من المقالات النقدية في الشأن السينمائي.

Post Tags
Share Post
Written by

<p dir="rtl" style="text-align: right important!;"><span style="font-size: 14pt;"><span style="font-size: 20pt; font-family: Tajawal, arial, helvetica, sans-serif;"><span style="font-size: 14pt;">من مواليد 1991 مدينة الطائف. شاعر وناقد سينمائي. نشرت له العديد من القصائد والقصص القصيرة على منصات وصحف أدبية مثل «أوكسجين»، «أونطولوجي»، «ختم السلطان»، «نزوى»، «آلترا-صوت» «جدلية» وغيرها. صدرت له مجموعتان شعريتان، «السبعون شأنًا» عن رواشن للشعر 2021 و«صلوات الصعاليك» عن محترف أوكسجين 2024. يعمل ضمن فريق تحرير منصة «ميم السينمائية» ناشرًا العديد من المقالات النقدية في الشأن السينمائي.</span></span></span></p>

No comments

Sorry, the comment form is closed at this time.