فئة القصيدة باللغة العربية (للبالغين)، والحكم الشاعرة أسماء عزايزة
المرتبة الأولى
(1)
للغياب رائحةٌ
وذيلٌ يهتز كلما تحركت عقارب الساعة
عضةٌ في الكتف
تذكرك دائمًا بأنك عاجز عن حمل الأشياء الثقيلة
(2)
كنت أبكي كلما تحطمت مني طائرة على الشاطئ
كنت أحلم أن لا تسقط أبدًا
وكنت أظن أنني سأتحمل شد الخيط إلى الأبد
(3)
الرحيل لا يعرف آباءه
لا يلوّح لهم كل صباح من حافلة المدرسة
ولا يفتش عن الذكرى في أحذيتهم القديمة
فقط يأتينا كعلامة استفهام ضخمة
بحدبة واضحة
لا تعرف شيئًا عن ماضينا
مثل ساقٍ غريبة
ضلت طريقها إلى المنزل
(4)
ماذا يضير الحلم لو أضاء مرة في وجهي؟
مرة واحدة فقط
أخبره فيها بكل شيء
أسرق حقي في مسحة رأس
أو تهويدة أخيرة
كأن الخبز لم يهجر بيتنا
أو كأن شيئًا لم يكن
(5)
هنا
في نفس الصفحة
وربما في السطر ذاته
كان من الممكن أن تسمع صدىً خفيفًا
لضحكات بعيدة
أو أن يفرش الليل ملاءة فسيحة
بعرض الذكرى
التي تمتد من أعمق نقطة في القلب
حتى مقدمة الجرح
كان من الممكن أن نفتح القوس على اتساعه
ونضع داخله الكثير من البرتقال وأعواد النعناع
ولا نغلقه أبدًا
ولكنه رحل
بهدوء يدٍ تركت الأخرى
لتمسك بالضوء
رحل دون أن يعلمني كيف أعقد ربطة عنقي
ودون أن يمنحني العناق الأخير
عن القصيدة الفائزة، قالت الحكم أسماء عزايزة:
”تكشفُ هذه القصيدة عن فهم شعريّ ذي نبرة صافية لسؤال الغياب أو الموت. تتبدّى شعريّتها في بساطة اللغة والصورة المصحوبة بسبر أعمق للفكرة. كما تُظهر حساسيّة خاصّة منزوعة من أيّ تكلّف لغويّ أو استعاريّ. بلغةٍ مرتاحة ونبرةٍ حميمة، يكتب الشاعر لحظة فقد شخصيّة، إلا أنّنا نُسحب معها بهدوء. نُشحن دون جهدٍ لغويّ، على امتداد قصيدة قصيرة نسبيًّا، لنفلت عند نهايتها من هذا الشّحن، فكأنّنا نقترب حتّى مسافة صفر من الغياب الذي شعر به الشاعر.“
هذه القصيدة هي إحدى القصائد الاثنتي عشرة التي حازت على المراتب الأولى و الثانية من جوائز بارجيل الشعرية لعام ٢٠٢٠ التي منحت للمرّة الأولى من قبل لجنة تحكيم ضمّت شعراء ذوي شهرة عالمية. إضغط هنا للمزيد من المعلومات عن الجائزة على موقع مؤسسة بارجيل للفنون.
إسلام عبد الشهيد حنيش
إسلام عبد الشهيد حنيش هو شاعر مصري يعمل في مجالات الجيولوجيا والتعليقات الصوتية.