فئة القصيدة باللغة العربية (لليافعين ١٤–١٨)، والحكم الشاعر جولان حاجي
المرتبة الأولى
أجوب أزقة المخيم
صدى كلماتي لا يتسع سوى لقلبي المهترئ
أظهر جبروتي
أنا موج أبتلع كل ما أحاط بي
صفير يدوّي في المكان
ليس خارجاً فقط
إنما في داخلي المرهَق أيضاً
أنهار ...
أتحوّل إلى زَبَد
أختفي...
أنا بحرٌ مهتاج
أحدهم سرق غيمة من ميكائيل
وضعها فوق رأسي
ظنوا أني السارقة
فكُتِب عليّ الحزن
كُتِب عليّ المخيم أرضاً وقدراً
ألواح الزينقو، تنخر رأسي بصوتها حينما تحتضن السماء العابسة
الحوائط تنفث بردها
ألتحف بطانية الوكالة السوداء التي لا تدفئ جسدي الأزرق، ولا حتى إصبع قدمي الصغير
أحمل بطاقتي البيضاء
أقف في الطابور بين الحشد الممتدّ إلى ما لا نهاية
أستلم كيسين من الطحين، وعدساً، وحمصاً، و زيتاً، و معلباتٍ، و سكراً
أبتهج .....
ثم أبكي بشكلٍ هستيري
كُتب عليّ أن أكون نصف غافية، فلا يجب أن أفرط بتلك الساعتين
أعجن أرغفةً تشبع بطون عصافيري الصغار
لقد عُجِنَ قلبي !
أرتدي ملابس من يسكنون وطنهم
يخطّ على جبيني "لاجئ"
أغرق في الوحل لأبيع الفراولة
أُقّبل أطفالي برفقة مصباح الكاز ذي الرائحة الكريهة
يحملون حقيبة مكتوب عليها يونيسف بخطٍ كبيرٍ مثيرٍ للشفقة
يرتدون أقمصةً زرقاء قماشها كاللهب يشعل جسدهم الحنطي في الصيف
يحملون في حقيبتهم أحد أرغفتي التي أعددتها بكل حب
يلقونها جانباً...
يتذمّرون...
يتخيّلون أنهم يلتهمون سندويش فلافل مع الفلفل المخلل، مثل الذي يمسكه المدلّل سليم، فيسيل لعابهم
كُتِب عليّ أن أكون "لاجئ" بين أصقاع وطن أجهله
أنا لم أسرق الغيمة يا ميكائيل اَعدني الى وطني!
وقال الحكم جولان حاجي واصفاً القصيدة:
”تمنح الكتابةُ المهانين شرفَ أن يواجهوا أنفسهم. إسرائيل رائدة في الإذلال والتأديب بالأسلحة وتصنيع الزنازين. إحدى سجيناتها مسافرة صغيرة طليقة النظرات، توقظ بمفرداتٍ قليلة عيونَنا التي تنوّمها صور الكوارث. إنها تعود من أمام 'أحلام المعتَقَلة' (١٩٦١) لأنجي أفلاطون فتحطّ أمامها كوابيس غزة المحبوسة المزدحمة بالعذابات، حيث السجّانون، حرس الحدود شمالاً وجنوباً، يُعلون الحواجز ويُشهِرون البنادق والسياط، متربّصين بالفارّين المشتبهين حتى بسرقة الغيم. هذا أحد المستحيلات الممكنة. لا مجاز في الواقع. تجوب بتول حياة المخيّم الفادحة. حواسّها يقظة. نشمّ معها الرائحة الكريهة لمصباح الكاز، ونذوق الفلفل المخلل في سندويش الفلافل، ونكاد نحكّ أكتافنا حين ترسم لنا بتواضع كلماتها أطفالاً يرتدون قمصاناً زرقاء 'قماشها كاللهب يشعل جسدهم الحنطي في الصيف'. بتول، بكل العيون في جسدها وروحها، بحياء فطنتها ودمعتها العزيزة، استلّت من أيام السجناء تفاصيل الضعف والهوان، فلم تزخرفها بالفصاحة ولا أثقلتها بحشو الكلام ولا أطنبت في الشكوى. العالم يضيق كالزنزانة، والشعر يضيئها بالألم والرحمة.“
هذه القصيدة هي إحدى القصائد الاثنتي عشرة التي حازت على المراتب الأولى و الثانية من جوائز بارجيل الشعرية لعام ٢٠٢٠ التي منحت للمرّة الأولى من قبل لجنة تحكيم ضمّت شعراء ذوي شهرة عالمية. إضغط هنا للمزيد من المعلومات عن الجائزة على موقع مؤسسة بارجيل للفنون.
بتول أبو عقلين
بتول أبو عقلين طالبة في الثانوية، فلسطينية من مواليد غزة عام ٢٠٠٥. تقول بتول: ”أبديت اهتمامي بالأدب مذ كان عمري ١٠ سنوات. أكتب أنواع متعددة من الأجناس الأدبية، كالقصة القصيرة، واليوميات وبشكل خاص الشعر. كانت بدايتي الحقيقية مع الشعر خلال أمسيتي الأدبية الأولى في مركز القطّان فرع غزة، فقد شعرتُ حينها أنّي أتنفس الشعر وأنه بيتي وملاذي الآمن، وربما أكون شاعرة عظيمة يوماً ما.“