فئة القصيدة باللغة العربية (للبالغين)، والحكم الشاعرة أسماء عزايزة
المرتبة الثانية
أشجارُنا لم تعُد بعدُ من مرافقة
المواكبِ الجنائزية الأخيرة
العصافير فتحتْ دكاكينَ
للشواهد المتضرِّعة
الزهور التي غيّرتْ عناوينها
تنادي
على باقات التعازي الرخيصة
سريعةِ الذبول
لكن نبتةَ الصبّار الطرية دائما
تنتصب هنا
في الإناء على نافذة الجار
المشرعةِ على المدينة
كأنّما لا شيءَ يحدث الآن
كأنما كل شيءٍ سيبدأ من جديد
مواصلةً بصبر صدّ ضرباتِ
الزمن القوية
بمضاربها الخضراء الشائكة
فيما جذورُها الممسكة
عميقا بالمكان
تهيّئ ضربةَ الصاعقة
من كراتها النارية المُشعّرة
كنُصْب تَذْكاريٍّ مؤقت
ستظل الصبّارة متدرِّجةً
في الإناء
بمضاربها المرفوعة
في سماء النافذة
وحيدةً تترقّب
انفجارَ الزهرةِ المبشِّرة
بإطلاق النيازك
وتظلّ جذورها تسرد
شجونَ مدينةٍ مجروحة
كانت مزرعةً آمنة
بمواكب الدجاجات
المتباهية أمام فراخها
مستخفّةً بحومان الحَدَأة
ما دامت الحدودُ المترامية
المسوّرة بالنباتات المعمّرة
أطول من الجرّافات الجائعة
وعن هذه القصيدة، قالت الحكم أسماء عزايزة:
”بطبيعيّة شديدة، تتحوّل نبتة الصّبار والنافذة والحدأة إلى كائناتٍ تكوّن المدينة ومزاجها. ثمّة إحكام ملموس في البناء الاستعاريّ للقصيدة. فعلى الرّغم من أنّ الشاعر وظّف الدلالة الرّمزيّة المعهودة لنبتة الصبّار، بيد أنّه عالجها على نحو مختلف، مختصرًا بصورة بسيطة، هي أقرب إلى طبيعة صامتة، سرديّة أو تاريخًا أو حاضرًا غير مرئيّ. بلغةٍ هادئة ذات حسّ بصريّ لافت، تعطينا القصيدة مفاتيح فهم متعدّدة تفتح أكثر من باب للإحالة وإعادة القراءة.“
هذه القصيدة هي إحدى القصائد الاثنتي عشرة التي حازت على المراتب الأولى و الثانية من جوائز بارجيل الشعرية لعام ٢٠٢٠ التي منحت للمرّة الأولى من قبل لجنة تحكيم ضمّت شعراء ذوي شهرة عالمية. إضغط هنا للمزيد من المعلومات عن الجائزة على موقع مؤسسة بارجيل للفنون.
ميشرافي عبد الودود
ميشرافي عبد الودود هو شاعر ومترجم مغربي.